أيها الغريب …
لا أدري أي جنون يدفعني لارتكاب حماقة لا تشبه طغيان انفعالاتي الحكيمة لأرى روحي ترتطم بكَ دون سابق موعد أو إنذار … لعلّه ذاك الأدب الذي أدمنتُ الغوص في زواياه لأبحث لي في حروفه عن إجابات لما استعصى على سنواتي القليلة , و أدرك كما كل مرة أنني لا أنتمي لهذا الزمن , و أن انفلاتي الدائم للماضي هو شيء يعيش في كريات دمي الحمراء والبيضاء والرمادية !!
أغوص في العزلة , ويغوص جنوني المهذب في غياهب غيابكَ , فأستحضرك .. بلهفةِ الطفلة وخوف العجوز , أطالع ذبذبات طيفكَ , أسألها , أستجوب عطركَ و رفوفَ الذكريات .
و أعاود القراءة , بنهم الجائع لشيء ما وهو لا يدرك أصلاً ما يبغي من السكون والضوء والفراغ , ولا يدري ما الذي يسد بوابات حاجاته الكثيفة …
يتسلل عطركَ الهمجي إلى مسامي ولا أدري من أي البوابات هو قادم لأسدّ عليه منافذ النور , أو أقتل شراسته وجوره .
كتاب آخر يلعق صمتي بتلذذ غامض , وكأنه يستحيي اضطراباتي كلما لاح بين السطور طيفك , فيلبسُكَ كل الرجال , الخادم والمدير, والظالم والعاشق , وتنهار صروح الخفاء , تجهر بك الصفحاتُ الغريبة و ترسمكَ بمنطق الدونكيشوتية المستبيحة لكل فنون العقل .
وها أنت للمرة الألف , عاجزٌ وقادرٌ بصورةٍ مربكة , وطفولتي المضادة تنظر ولا تنتظر , وأعاود الغوص .
أمس …. رأيتُ وجهكَ يرتسم في شقوق العتمة , يبهره النور و أنا على علمٍ مسبق أن الجريمة ليست وحيدة البعد و أن في أناملي شيءٌ كثير من دمي الأحمق و أن قصتنا باتت بأكثر من عشرة أبعاد …
أن الزمان والمكان خرجا عن أشواط الحرمة و أن قلمي وجنوني كافيان لنسج دورات غريبة لا يعيها العقل و لا تعيها أنتَ …
و أغرق من جديد , يقاطعني الجنون , فأنتَ في ركنٍ ما مع أنثى ما تستحضرُ ما عجزتَ عن استحضاره في نفسي و تلوح بالسعادة الوهم و أنا أمارس الغربة بحياد رهيب ..
أمس تنكّرتُ لجسدي , لقلبي , لعطري …. رششتُني بالوهم والرحيل و تفننتُ في سفك ما كان بيننا فأنا على قناعة تامة بأنه ليس زمني .
لكنني قرأتك كما تقرأ الأم وليدها , برعشات الخوف والحب و سنابل الفرح تخضر و تيبس في أيام , هو اليباس ما يسطر خلواتي القادمة بكأس غريب المذاق , جنوني الطباع ..
و أفتقدك ….
كشجرة اقتلعوا جذورها و سكبوا في حناياها الأسيد والحبر فأنزف حبراً و أتلمس بعضي , هنا كانت يدي وهناك عيني وفي مكان ما كان قلبي , أمسك أقلاماً لا تشبهني و أرسم جسدي في الهواء بجناحٍ وعينٍ وعطر ..
آه أيها الغريب …
في أناملي يعيش الياسمين وفي عيني يموت وكأن الموت والولادة التصقا بي منذ الصرخة الأولى , وإلى اليوم لا زال يعرش في جسدي شيءٌ ما أجهل هويته و أفترض له أسماءً وهمية تجعلني أرفضكَ بقدر ما أحبكَ , و أضحك بقدر ما تعشق عيني البكاء ,و أنتظر المطر في شهور القحط , أجاور البحر في الصحراء لأبحر إليكَ وهماً عظيماً ويرسو في أحداقي الطفل الحلم …
أيها الغريب الشقي …
في الورق هواياتٌ غريبة تتلذذ بالحلم والهروب وأنا يشغلني الهروب و النهايات المفتوحة إلى أقصى مداها , لأن الرحيل صيغة من صيغ العذابات الحميمة و الشبابيك المعلقة على جدران القمر , بها شيء من الفيروزيات الغريبة و ” كلونيا ” الصباح ….
حدثَ أن غنيتُ لك صمتاً أغنية من عطر فهل تذكرها ؟
أنا .. لا أعي سواها و الوعي في محيطي شيءٌ من الجنون يشبه الخلاص , والذكرياتُ القادمة تضرب لي مواعيد وهم عذبة أنتظرها و أغنياتٍ مشغولة بالسفر …
آه لو تدرك … كم الغوص في كتاب يشبهك !!
29-04-2010
ماهذه الروووووووعة
كلمة مبدعة قليلة ف حقك
كما لاحظت انك تحبي فيروز
و اسمحيلي ان اقول ان مدونتك شيء لا يتكرر اقصد انها رااااااائعة جدا
الروعة بمروركِ صديقتي
أتمنى لزياراتك أن تستمر بنثر عطرها دوماً
أجمل تحية دمشقية 🙂
اسمحي لي بان اغرق هنا قليلا
قليلا..اول دخول لي في هذه المدونة
واعترف ان قلمك له نكهة خاصة..
غامضة..ومؤثرة..كعذابات قديمة..
والاجمل انها بالعربية الفصحى..
كل الاحترام والتقدير لك
والى الامام..
لو تسمحين لي أيضاً أن أحتفل بكلماتك , بطعم المساء عذبة وأنيقة ….
باقة ود وياسمين لو تقبيلها 🙂